كلمة السيد محمد فايق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في إجتماع الجمعية العامة الرابعة عشر للشبكة العربية
السيدات والسادة الاعزاء
اسمحوا لى بداية أن اعبر لكم عن سعادتى البالغة فى أن اكون معكم هنا فى الجزائر مع ثورة المليون شهيد ، هذه الثورة التى عشت شبابى فى القلب منها وعرفت وصادقت قادتها ورجالها التاريخيين الاوائل .
لقد كانت ثورتكم ثورة عربية منذ اندلاعها فى يومها الاول ، وكانت ايضا ثورة افريقية أعلنها محمد يزيد احد رجالات الثورة الاوائل ، ورئيس وفد الجزائر فى أول مؤتمر للدول الافريقية المستقلة فى ابريل عام 1958 فى أكرا ( غانا ) ، وكنت موجودا فى هذا المؤتمر .
ومنذ ذلك اليوم أصبحت القضية الجزائرية ، قضية عربية ، وقضية افريقية فى نفس الوقت ، وكنا فى مصر ، ننظر دأئما للثورة الجزائرية ، باعتبارها توأما لثورة 23 يوليوبقيادة جمال عبد الناصر .
الاخوة والاخوات ، كانت ثورتكم ومازالت موحية وملهمة ، لكل الذين يناضلون من أجل الاستقلال والتحرر .
السيدات والسادة الاعزاء ..اننى اعتز كثيرا بالشبكة العربية لحقوق الانسان ، التى نبعت فكرتها الاولى من وحى المجلس المصرى لحقوق الانسان برئاسة الدكتور بطرس بطرس غالى ، ثم عززها ورعاها بعد ذلك الاخ العزيز دكتور على المرى ، ومن اسباب اعتزازى بها أنها نموذجا متميزا للعمل العربى المشترك ، ولا شك ان وجود هذه الشبكة وتماسكها يدعم مؤسساتنا ويعزز من خبراتها ويزيد من قدراتها ،وتأثيرها داخليا فى بلادنا ودوليا فى عالم لم يعرف مكانا للكيانات الصغيرة .
اسمحوا لى بهذه المناسبة ، ان اضع امام حضراتكم اهم التحديات التى تواجهنا
اول هذه التحديات التى تواجهنا وتواجه الشبكة العربية لحقوق الانسان ايضا ، هو تفكك الوطن العربى ، وتفكك التجمعات العربية ، وازاء هذا التحدى يجب علينا أن نحافظ على تماسك شبكتنا العربية ، لتكون نموذجا ونقطة انطلاق حقيقية للعمل العربى المشترك الذى نتوق اليه جميعا .
أما التحدى الثانى فهو تحدى الارهاب ، فكما تعلمون حضراتكم أن مصر تواجه موجة عاتية من الارهاب ، تمركزت فى شمال سيناء حتى منتصف العام 2013 ، ثم تمددت عقب إطاحة ثورة 30 يونيو بنظام الاخوان المسلمين وفض التجمعات المسلحة ، التى نظمتها جماعة الاخوان فى منطقتى رابعة بالقاهرة والنهضة بالجيزة ، فقد شنت هذه الجماعة سلسلة من الاعمال الارهابية شملت الاعتداء على المقار الامنية ، والكنائس لضرب الوحدة الوطنية ، كما شملت القيام باعمال قتل واسعة النطاق ، استهدفت عناصر من الجيش والشرطة والمواطنين المسيحيين والقضاة ، وتخريب المرافق العامة بنسف اعمدة شبكة الكهرباء والقيام بأعمال تستهدف تخريب وتعطيل حركة السياحة .
لقد شكل الارهاب احد اهم التحديات لحقوق الانسان ، باعتباره المصدر الرئيسى لانتهاكات الحق فى الحياة اكثر حقوق الانسان قدسية ، كما يهدد الامن الانسانى ، وكان على المجلس القومى لحقوق الانسان فى مصر ، وهو يقوم بواجبه فى تقصى الحقائق حول الاحداث التى شهدتها البلاد ، ومصير الضحايا ، وزيارات السجون ،لتفقد اوضاع المحتجزين على ذمة قضايا منظورة امام القضاء ، وتشكيل لجنة لبحث أوضاع الغائبين الذين روجت المعارضة بتعرضهم للاختفاء القسرى ، وإجلاء مصيرهم وإصدارتقارير مفصلة ، عن نتائج تحقيقاته نشرت فى الداخل والخارج ، كما شارك المجلس فى لجنة شكلتها الدولة لبحث اوضاع المحتجزين من الشباب، وقدم المجلس قوائم باسماء الشباب الذين تنطبق عليهم الشروط ،الى اللجنة وهو ما ساهم فى اطلاق سراح العديد من الشباب على ثلاث دفعات حتى الان ، وهناك دفعة رابعة على وشك ان تصدر ، كان على المجلس وهو يواجه مثل هذه الاعباء أن يؤكد اهمية حماية واحترام حقوق الانسان فى سياق مكافحة الارهاب ، ايمانا بأن كل من الامن وحقوق الانسان قيمتان تتكاملان ، لايجوز التضحية باحدهما من اجل الاخر .
وقد اهتم المجلس بتبنى مبادرات متنوعة لمكافحة الفكر المتطرف ، والتطرف العنيف ، ومن بين هذه المبادرات ، المؤتمر الدولى حول دور ومسئوليات مؤسسات التوعية فى مواجهة التطرف العنيف ، والحض على الكراهية ، فى شهر يوليو الماضى بالقاهرة ،وقد شارك فيه ممثلون عن المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان العربية والافريقية ومؤسسات المجتمع المدنى وبعض وكالات الامم المتحدة ، ورجال الدين وخبراء واكاديميون ، وصدر فى ختام المؤتمر " إعلان القاهرة " ،الذى يتضمن عدة توصيات مهمة لمكافحة التطرف العنيف .
الاخوة والاخوات الاعزاء
لعل التحدى الثالث الذى واجهنا هو إعمال دستور عام 2014 ، فقد اكد دستورنا الجديد (دستور عام2014) على اتساقه مع الاعلان العالمى لحقوق الانسان ،وأنه يحمى الحريات ويحمى الوطن ، من كل ما يهدد الوحدة الوطنية، ويحقق المساوة بين كل المصريين .
لقد كان الرهان الحقيقى الذى برز امامنا فى هذا المجال ، هو اهمية إعمال هذا الدستور وتفعيله ، بوضع التشريعات الجديدة الملائمة ، وتعديل القوانين التى لم تعد تتواءم مع النصوص الجديدة ، ومن هنا تقع على مجلسنا مسئوليات كبيرة فى هذا الصدد ، فقد نص الدستور على ان كل القوانين المتعلقة بالحريات والحقوق ، لابد وان تعرض على المجلس القومى لحقوق الانسان ليقول رأيه ، ومدى مطابقتها للاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التى صادقت عليها مصر .
فى هذا السياق ابدى المجلس ملاحظاته وتوصياته ، فيما يتعلق بالعديد من مشروعات القوانين ، وابدى تحفظه بشكل صريح وعلنى ، على قوانين اخرى وطالب بتعديلها ، مثل قانونى التظاهر والجمعيات الاهلية .
السيدات والسادة ، ومن الموضوعات الهامة التى يعكف المجلس على ايلائها اهتمامه الخاص ، ووضعها ضمن اولوياته ، متابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة ، فى اطار اجندة 2030 للتمية المستدامة ، وقد بدأ بالفعل خطواته فى هذا الشأن ، حيث شكل موضوع دور منظمات المجتمع المدنى فى تحقيق اهداف التنمية المستدامة ،أحد المحاور الرئيسية التى بحثها الملتقى السنوى للجمعيات الاهلية الذى عقده المجلس فى بداية شهر اكتوبر الحالى ( يوم 3 اكتوبر ) .
السيدات والسادة الاعزاء
اسمحوا لى فى ختام كلمتى ، أن اكرر ان منطقتنا ربما تكون اكثر مناطق العالم احتياجا الى الاستقرار ، لتتفرغ للتنمية بالمعنى الشامل ، وتحقيق السلام والامن الذى هو حق أصيل من حقوق الانسان ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا انتهى الاحتلال الإسرائيلى، وحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة ، وفقا لقرارات الامم المتحدة ، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
وفى نفس الوقت ،فإنه من الضرورى وضع حد للفوضى فى المنطقة خاصة فى ليبيا وسوريا واليمن ، وهى الفوضى التى يرجع سببها فى المقام الاول الى التدخلات الخارجية والتى فتحت الباب للارهاب،وحولت ثورات لها أسبابها إلى حروب بالوكالة فى منطقتنا.