إستعرض المجلس القومى لحقوق الإنسان التطورات الأخيرة فى البلاد ، و المتمثلة فى تصاعد أعمال العنف و الإرهاب و ما ترتب عليها من إجراءات و قوانين و تداعيات . و ما تشكله هذه الأعمال الإرهابية من تحديات تستهدف تفويض الأمن و إنهيار الدولة .
و يرى المجلس القومى لحقوق الإنسان أن الإرهاب هو فى حد ذاته إنتهاك جسيم لحقوق الإنسان فهو ينتهك الحق فى الحياة و يروع المواطنين الآمنين . و ينعى المجلس إلى الشعب المصرى شهداء الوطن و خالص العزاء لأسرهم . و من هذا المنطلق فإن المجلس القومى لحقوق الإنسان يتفهم الأسباب التى دعت إلى إعلان حالة الطوارىء و حظر التجوال فى سيناء و صدور قوانين تحيل إلى القضاء العسكرى من يقطع الطرق و من يتعدى على المنشئات العامة التى تحرسها القوات المسلحة ، و يؤكد فى نفس الوقت أهمية الحفاظ على حقوق الإنسان كما وردت فى الدستور ، و أن تكون هذه الإجراءات مرهونة بالظروف التى إستدعتها و لا تمتد أطول مما يتطلبه الموقف الراهن ، و أن تكون مصحوبة بالإلتزام بالإجراءات و الضمانات القانونية الكافية لكل مواطن يتعرض للمسائلة .
و يؤكد المجلس القومى لحقوق الإنسان من جديد إدانته الكاملة للعنف و الإرهاب ، وواجب الدولة فى محاربته ، و إتخاذ الإجراءات اللازمة لرصده ، و الحيلولة دون إنهيار الدولة و تعريض المواطنين للخطر . كما يؤكد بنفس القوة أن يكون ذلك فى إطار إحترام الحقوق الأساسية للمواطنين . و سيراقب المجلس ما يتخذ من إجراءات فى هذا الصدد .
و يكتسب الحفاظ على مدنية الدولة أهمية كبرى فى ظل هذه الظروف إلتزاما بالدستور و الدولة المدنية الديمقراطية .
إن الإجراءات الأمنية فى مواجهة الإرهاب ضرورية و لكنها وحدها لا تكفى بل من المهم أن يواكبها عمل سياسى و إجتماعى و ثقافى يحاصر أسباب تصاعد الإرهاب من تطرف و تعصب و فقر و تهميش فئات فى المجتمع تستجيب لإغراءات التجنيد لظروفها المادية و مستواها الثقافى .
من هنا فإن المجلس القومى لحقوق الإنسان يدعو إلى المواجهة الشاملة للإرهاب من خلال :
أولا : إستكمال خريطة الطريق بإجراء إنتخابات مجلس النواب بعد التوافق حول قانون الإنتخاب
ثانيا : البدء فورا فى تصفية البيئة الحاضنة للإرهاب بتنمية المناطق المهمشة و الإهتمام بالمواطنين المهمشين الذين يعانون من الفقر و البطالة .
ثالثا : الحفاظ على المجتمع المدنى من نقابات و جمعيات و منظمات حقوقية و دعمه لضمان إستمرار سبل و آليات التعبير الحر عن الرأى بوسائل سلمية و مشروعة .
رابعا : مواجهة ما يروج له البعض من خطاب التحريض على الكراهية و التشهير بالمواطنين فى بعض وسائل الإعلام التى تلقى عنها المجلس شكاوى عديدة .
خامسا : و لايقل عن هذا كله أهمية ما يتطلبه مواجهة الإرهاب من إجراءات عسكرية و أمنية، تستهدف حماية المدنيين فى المناطق التى تتصاعد فيها المواجهة ، و التى تتطلب إخلاء مناطق معينة من سكانها ، و بحيث يكون هذا الإجراء مؤقتا ، و أن يصحبه تعويض هؤلاء المواطنين عن الضرر الناجم من هذا الإجراء ، و توفير أسباب المعيشة المناسبة لهم ، و أن يتم ذلك بالتوافق معهم ، و الإسراع بتنمية شبه جزيرة سيناء و توطيد العلاقة مع أبناء مصر فيها ، حسن معاملتهم ،
و تفهم صعوبة الظروف التى يعيشون فيها و الإستجابة لإحتياجاتهم الأمنية و الإقتصادية و الإجتماعية .
و أننا لواثقون من أن الشعب المصرى و قواة الحية و قيادته سوف يكتب لهم النصر فى هذه المواجهة المصيرية .