عقد المجلس القومى لحقوق الإنسان جلسة خاصة يوم الخميس الموافق التاسع والعشرين من شهر مايو سنة ٢٠١٤ بحث خلالها مشروع قانون مجلس النواب الذى طرحته الدولة للحوار المجتمعى، وإلتزاما بإختصاصات المجلس المنصوص عليها بقانون إنشائه فقد استهدف من بحثه التحقق من مدى إحترام أحكام المشروع لحقوق الإنسان المصرى المقررة بمقتضى أحكام الدستور والمعاهدات و الإتفاقيات الدولية التى إنضمت و صدقت عليها مصر.
وقد إعتمد المجلس فى بحثه لهذا المشروع على النسخة التى أعلنتها الدولة بغير إلتفاف إلى ما تردد حول إدخال بعض التعديلات عليها، إذ أن ذلك كله لم يصل إلى علم المجلس على وجه اليقين .وقد إستبان للمجلس من بحثه لهذا المشروع ما يلى : -أولا: نصت المادة السادسة من المشروع على أن (يشترط لإستمرار عضوية أعضاء مجلس النواب أن يظلوا محتفظين بالصفة التى تم إنتخابهم على أساسها فإذا فقد أحدهم هذه الصفة أو إذا غير العضو إنتماؤه الحزبى المنتخب عنه أو أصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيا أُسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس)و يبين من نص هذه المادة إنها حظرت على العامل أو الفلاح تغيير الصفة التى تم إنتخابه على أساسها (عامل أو فلاح) كما حظرت على النائب تغيير إنتماؤه الحزبى الذى أُنتخب على أساسه.وحظر تغيير العامل و الفلاح يجد له مبررا مشروعا فى الإحتفاظ بنسبة العمال والفلاحين فى المجلس إعمالا لأحكام الدستور.أما حظر الإنتماء الحزبى فإنه لا يجد له سندا فى أحكام الدستور بل يتعارض مع حق من حقوق الإنسان الأساسية وهو حرية الرأى التى كفلها الدستور للمواطن المصرى.نظرا لأن أعمال هذا الحظر قد يفرض على النائب أن يستمر عضوا فى حزب أصبح لا يؤمن بمبادئه حتى يفقد عضويته فى مجلس النواب.و من ثم فإن المجلس يرى أن حظر تغيير الإنتماء الحزبى المنصوص عليه بهذه المادة يتعارض مع حق أصيل من حقوق الإنسان المصرى.ثانيا: عرفت المادة الثانية من المشروع: العامل والفلاح فى مجال تطبيق أحكام هذا القانون و الترشيح بهذه الصفة لعضوية مجلس النواب وقد إشترطت فيمن يرغب فى الترشيح بصفته عاملا عدة شروط من بينها أن يكون عضوا فى نقابة عمالية، أى جعلت الإنضمام إلى نقابة عمالية شرط لازم للإعتراف للمرشح بأنه عامل، و بهذا جعل المشروع الإنضمام للنقابة العمالية إلزامى و هذا يتعارض تماما مع إتفاقية الحرية النقابية ( ٨٧ ) المعقودة فى عام ١٩٤٨ و إنضمت و صدقت مصر فى عام ١٩٥٧ و التى تحظر إكراه العامل على الإنضمام لنقابة عمالية و من ثم فإن المجلس يرى وجوب حذف هذا الشرط لتعارضه مع أحكام إتفاقية دولية إنضمت و صدقت عليها مصر.ثالثا: أوجبت المادة العاشرة من المشروع على طالب الترشيح أن يقوم بإيداع تأمين نقدى.و يخشى المجلس أن تكون قيمة هذا التأمين حائل بين المواطنين و بين ممارسة حقهم الدستورى فى الترشيح لعضوية مجلس النواب ومن ثم يوصى المجلس بتخفيض قيمة هذا التأمين إلى قدر لا يحول بين المواطن البسيط وممارسة حقه الدستورى.رابعا: أجاز المشروع لرئيس الجمهورية أن يعين عدد لا يجاوز ٥ % من عدد أعضاء مجلس النواب و حددت المادة ( ٢٨ ) من المشروع ضوابط ذلك و نصت المادة ( ٢٩ ) من المشروع على أن يكون المقيدين ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات المقررة للأعضاء المنتمين للمجلس، و مع ذلك فإن المشروع نظم الطعن فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب المنتخبين ولم ينظم الطعن فى صحة عضوية الأعضاء المعينين بالرغم من إنه قد يكون لدى أى مواطن طعن فى صحة تعيين أحد النواب المقيدين لعدم إستيفائه لأحد ضوابط التعيين المنصوص عليها بالمادة (٢٨) من المشروع.وفى هذا إخلال بحق من حقوق المواطنين المقررة فى الدستور التى تجيز للمواطن الحق فى الإعتراض على إنتخاب أو تعيين من لا يتوافر فيه شروط عضوية مجلس النواب.ولهذا يرى المجلس وجوب تنظيم الطعن فيمن يعينون أعضاء بمجلس النواب بقرار من رئيس الجمهورية.