أكد السيد محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان أنه سوف يكون على رأس أولويات عمل المجلس خلال المرحلة القادمة قضية الفقر و محاربته بتقليص دائرته حتى يتم القضاء عليه بجميع أشكاله و صوره فى مقدمة إهتمامات المجلس ، و ذلك بإعتبار الفقر هو من أسوأ إنتهاكات حقوق الإنسان و أشدها ، و ثانيا تمشيا مع ثورة يناير ،و٣٠ يونيو التى جعلت هدفها الكرامة الإنسانية و العدالة الإجتماعية ، و هى أهداف لا تتحقق دون القضاء على الفقر ، و ثالثا لأن المجتمع الدولى قد أعلن منذ أسابيع قليلة برنامجاً طموحاً للتنمية المستدامة يتصدره القضاء على الفقر قضاءاً تاماً بنهاية عام ٢٠٣٠ ، و يستلزم ذلك بدء العمل جدياً من يومنا هذا . و سوف نبدأ بالدراسات التى تؤدى إلى تضييق حلقات الفقر و فى مقدمتها خطة لتنظيم الأسرة لمواجهة الإنفجار السكانى الذى يعتبر من أهم عقبات التقدم البشرى جاء ذلك فى كلمته الأفتتاحية اليوم ٢نوفمبر٢٠١٥ فى الملتقى العاشر لمنظمات المجتمع المدنى تحت عنوان " المواطنة و الحماية الإجتماعية " .
وأضاف فايق أنه قد جرت العادة أن يدعو المجلس سنويا لهذا الملتقى لنجتمع بشركائنا من المجتمع المدنى بحضور المسئولين فى أجهزة الدولة و أعضاء من القطاع الخاص ، و جميعنا شركاء فى مسئولية الإرتقاء بحالة حقوق الإنسان التى تحتاج إلى جهودنا جميعا .
و هدفنا الأساسى من هذا الإجتماع هو توثيق علاقتنا بالمجتمع المدنى بإختيار أهم الموضوعات التى نرى ضرورة التركيز عليها و إعطائها أولوية متقدمة .
و المقصود " بالحماية الإجتماعية "هو تطوير السياسات التنموية الرامية إلى تحقيق الرفاهية الإجتماعية و الحد من الفقر الدائم و المؤقت . و يتحقق ذلك بدعم سوق العمل و تقليص تعرض الأفراد للمخاطر و تعزيز قدرتهم على حماية أنفسهم من حالات فقدان الدخل و مساعدة الأفراد على مواجهة آثار المخاطر الإجتماعية ( مثل الشيخوخة و المرض و البطالة و أصبحت هذه سياسات لابد من دمجها فى خطة التنمية . فالتنمية لم تعد مجرد نموا إقتصاديا ، و إنما أصبحت فى الأساس تمكين المواطن من أن يحصل على جميع حقوقه المدنية و السياسية جنبا إلى جنب حقوقه الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية . أى أن تكون التنمية قائمة على قاعدة من الإحترام الكامل لحقوق الإنسان .
و يتمشى مع موضوعنا اليوم ما أعلنته الأمم المتحدة فى أواخر شهر سبتمبر الماضى و بحضور عدد كبير من رؤساء دول و حكومات العالم ما سمى بخطة عمل لجدول أعمال التنمية المستدامة حتى عام ٢٠٣٠ و أعلنت أن فى مقدمة هذه الخطة القضاء على الفقر و الفقر المدقع بجميع أشكاله و صوره قضاءاً كاملاً ، و أن ذلك هو التحدى الأعظم أمام العالم أجمع و ضرورة ملحة للتنمية المستدامة .
و حددت هذه الخطة ١٧ هدفا أولها القضاء على الفقر ، و ثانيها القضاء على الجوع ، و الثالث و الرابع عن الصحة و التعليم ثم مساواة المرأة و النمو الإقتصادى و فرص العمل للجميع و محاربة التمييز داخل الأمم و بينها . ثم الحفاظ على البيئة و غيرها من الموضوعات التى تدخل فى صميم " الحماية الإجتماعية " ، و تقوم بإعمال الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية بجانب الحقوق المدنية و السياسية و تعهد الأمين العام للأمم المتحدة بإسم دول العالم بأن أحدا لن يترك ليتخلف عن تحقيق هذه الأهداف بنهاية عام ٢٠٣٠ .
و نحن نغتنم هذه الفرصة لنؤكد مسئولية الدول الصناعية الكبرى و المنظمات الدولية فى تنفيذ هذه الخطة العالمية و تطالبها على الأقل بالإمتناع عن فرض سياسات الإصلاح الإقتصادى التى يدفع ثمنها الفقراء . مثل برامج الخصخصة و الهيكلة التى كان يفرضها صندوق النقد الدولى و البنك الدولى فى وقت سابق .
و كذلك التحكم فى التجارة الدولية لغير صالح الدول الفقيرة من خلال سياسة منظمة التجارة الدولية التى تتحكم فيها الدول الصناعية الكبرى ، أو من خلال دعم الولايات المتحدة و الدول الأوروبية لمنتجاتها الزراعية ، الأمر الذى يحرم أفريقيا و الدول الفقيرة من تصدير منتجاتها .
و لكن تبقى فى النهاية مسئولية كل دولة مع شعبها لتحقيق هذه الأهداف التى تعكس فى واقع الأمر الحقوق السياسيةوالمدنية بجانب الحقوق الإقتصادية و الثقافية .
يزيد من أهمية هذا الإجتماع أنه يأتى و نحن على أعتاب إنعقاد مجلس النواب المنتخب الذى تكتمل به حلقات خريطة المستقبل و إستكمال مؤسساتنا الدستورية .
و مما لاشك فيه أن وجود المجلس المنتخب سوف يساعدنا فى تأكيد الإرتقاء بثقافة حقوق الإنسان و تأكيد إحترام هذه الحقوق و أعمالها .