شريط أدوات الوصول إلى الويب
30-08-2015

رئيس "القومى لحقوق الإنسان": لا أمن بلا حقوق إنسان

أكد الأستاذ محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان فى حواره لجريدة الشروق، أن الإرهاب يعتبر أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، مضيفا أن التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان عملية دقيقة، وأنهما قيمتان متكاملتان لا يمكن الاستغناء عن أحدهما لصالح الآخر، مشيرا إلى أن حقوق الإنسان والأمن لن يتحققا كاملا سوى باحترام حقوق المواطن، معتبرا أن قانون التظاهر ظلم مصر.وفى حواره مع ــ علياء حامد وليلى عبدالباسط ألقوا الضوء على عدة نقاط هامة جاءت فى سياق الأسئلة الآتية:• ما رأيك فى حالة حقوق الإنسان فى مصر خلال العامين الماضيين؟-- الإرهاب الموجود يعتبر أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، لاسيما الحق فى الحياة، ويؤثر على مدى تقدم للدولة، ولكن لدينا ضمانات مهمة للمضى قدما نحو التغيير واحترام حقوق الإنسان.

• ما هى هذه الضمانات؟-- منها ثورتا ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، بما كانت تحملانه من شعارات «الحرية، الكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية»، والملايين التى خرجت فى الميادين مازالت تؤمن بهذا التغيير، وكذلك الدستور الذى وصل على صعيد الحقوق والحريات لأبعد مدى.

• ما رأيك فى استشهاد بعض المسئولين بجملة «فى وجود الإرهاب لا تحدثنى عن حقوق الإنسان»؟-- فكرة التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان عملية دقيقة، وأعتقد أنهما قيمتان متكاملتان، فلا يوجد أمن دون حقوق إنسان، ولا يوجد حقوق إنسان دون أمن، فكلما تقدمنا على مستوى الأمن سنتقدم فى حقوق الإنسان.

• ما الانتهاكات التى نتجت عن الحرب ضد الإرهاب؟-- لدينا مشاكل معظمها نتيجة الإرهاب مثل الحبس الاحتياطى، وما ترتب عليها من زيادة أعداد المحتجزين داخل السجون والأقسام، وذلك فى ظل ضعف الامكانيات، ما أدى لضعف الرعاية الصحية والخدمات بالسجون، على الصعيد الآخر هناك تقدم فى البنية الأساسية لحقوق الإنسان، مثل إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، وتكوين أحزاب، وسن قوانين مثل التعديلات على قانون التحرش، وإنهاء حالة الطوارئ التى حلمنا بانتهائها، فمصر تحكم الآن بدون طوارئ، وحتى عند إعلانها بسبب الحرب على الإرهاب كانت فى نطاق زمنى لمدة ٣ أشهر، فأصبح هناك تقدم بشكل واضح. ورغم وجود مشاكل وقوانين تصدر تحتاج لإعادة النظر، إلا أن ملف حقوق الإنسان تم فتحه بعد غلقه كثيرا، وهناك إصرار شعبى بأهمية القانون والتطور.

• لكن ألا ترى أن زيادة وتيرة العنف والإرهاب فى الفترة الأخيرة جعلت الكثيرين يفضلون الأمن على حقوق الإنسان؟-- هذا التوجه خطير، ونحن لا نريد أن نكرر الأخطاء التى اخطأتها دول كبرى، عند مواجهتها للإرهاب مثل ما حدث فى سجن أبوغريب، فمازلنا ننبه إلى أن حقوق الإنسان والأمن لن يتحقق كاملا سوى باحترام حقوق المواطن، واتفق معكم على أن الإقبال على حقوق الإنسان فى أدنى درجاته حاليا.

• باعتبارك وزير سابق للإعلام فهل أداء وسائل الإعلام بعيدة عن احترام حقوق الإنسان؟-- الإعلام به احتقان واستقطاب شديدين، ولا يساعد ذلك على خلق الجو المناسب لاحترام حقوق الإنسان، وبعض الأجهزة الإعلامية تفتقد معايير احترام حقوق الإنسان، والمجلس بدأ مبادرته من خلال منح جوائز عن المسلسلات الرمضانية التى تحترم حقوق الإنسان، وهذا جزء من دورنا لرفع الوعى لدى المواطن.

• بعض الحقوقيين ينتقدون القضاء فى مصر ويرون أن نظام العدالة يؤدى لمزيد من الإرهاب، فما رأيك؟-- علينا أن نفرق بين القضاء، وبين منظومة العدالة وبذلك نحن لا نتدخل فى عمل القضاء، وفى رأيى أن منظومة العدالة تحتاج لإصلاح، وفقا لتصريحات وزير العدل أحمد الزند بنفسه. ولكن القضاء المصرى مازال شامخا وهو الأفضل فى المنطقة.

• برأيك كيف نصلح منظومة العدالة؟-- بسرعة التقاضى، والعدالة الناجزة، فتأخر العدالة فى تنفيذ أحكامها هو ظلم، فضلا عن وضع سقف محدد للحبس الاحتياطى، ولذلك تحتاج منظومة العدالة لإصلاح شديد جدا.

وماذا عن الإعدامات الأخيرة؟-- أحكام الإعدام التى أساءت لمصر معظمها أحكام غيابية، تسقط بمجرد ظهور المتهم، وهناك درجات للتقاضى للطعن على الحكم، فهناك عوامل كثيرة لضوابط القضاء العادل وضمانات للمحاكمة العادلة.

• هل ترى ان التشريعات الجديدة تعزز من ضمانات المحاكمة العادلة؟-- لا يجوز أن نقترب أو نقلل من ضمانات المحاكمة العدالة، وهنا يجب الإشارة للتعديلات الأخيرة على قانون الإجراءات الجنائية، فلابد أن نحافظ على منظومة العدالة، وهيبة القضاء وسمعته الدولية، فالإخوان يحاولون زعزعتها، عن طريق تناقل وتضخيم بعض القضايا كالاختفاء القسرى أو الإعدامات، لإعطاء تأثير سلبى.

• بم تفسر توجه الدولة فى الفترة الأخيرة إلى إصدار قوانين تتعلق بالحريات دون عرضها مسبقا على المجلس؟-- احتججنا فى بيان سابق للمجلس، على عدم عرض قانون الإرهاب علينا، فوفقا للدستور القوانين الخاصة بالحقوق والحريات يجب عرضها على المجلس، لإبداء رأيه فيه، فالمجلس وضعه استشارى ليأخذوا برأيه، وعدم الالتفات لرأى المجلس شىء آخر، ولكننى أظن أن الدولة بدأت إعادة النظر فى عرض بعض القوانين على المجلس، فمثلا قانون الخدمة المدنية وقانون العمل تم عرضه علينا.

• هناك حاجة لتغيير قانون المجلس حتى لا يكون دوره استشاريا فقط فهل هناك جديد فى هذا الأمر؟-- قدمنا تعديلا على القانون لمزيد من استقلالية المجلس، فنحن نتمتع باستقلالية كاملة ولكن نريدها بالقانون، وكنا نطلب حق فى زيارة السجون مباشرة بالإخطار وليس التصريح، وأخيرا اتفقنا مع وزير الداخلية، على زيارة السجون دون الحاجة لإذن من النيابة العامة ولكن نريد أن نقننه.

• أشرت فى حديثك إلى الحبس الاحتياطى، فماذا فعلتم بشأن المصور محمود أبوزيد (شوكان) المحبوس احتياطيا لمدة عامين؟-- لنا رأى واضح بشأن الحبس الاحتياطى، وأنه يجب أن يكون له سقف معين، فالشخص الذى يحبس احتياطيا من الممكن أن يحصل على البراءة، فوقتها يصبح الحبس الاحتياطى جزاء فى حد ذاته، فنحن نعترض عليه، وهناك لجنة إصلاح تشريعى نتمنى وصول صوت المجلس لها، وتعدل القوانين الخاصة بمدة الحبس الاحتياطى الذى أصبح جريمة فى حد ذاته.

• هل سيزور المجلس شوكان؟-- لم تأت لنا شكوى بشأنه، ولكن إذا ورد للمجلس شكوى عنه سنزوره، والمجلس خلال زيارته بالسجون التقى بصحفيين عديدين.

• هل هناك تواصل بين المجلس ووزارة الداخلية بشأن حالات الوفيات فى أماكن الاحتجاز؟-- دورنا معرفة أسباب الوفيات، ومحاولة استبعادها، ومشكلات أماكن الاحتجاز، لاسيما أقسام الشرطة، لها علاقة بالتكدس الذى وصلت كثافته إلى ٤٠٠%، فنحن نحتاج إما سجون جديدة، أو تكف الداخلية عن حبس المواطنين، أو الإفراج عنهم، وحاليا لم تنتقل زيارتنا لأقسام الشرطة، ونحن نعمل ببطء لنعطيهم فرصة للإصلاح بشكل تدريجى وما فعلناه فى السجون من زيارات، سنفعله فى أماكن الاحتجاز الأخرى.

• ما آخر تطورات الأزمة بين لجنة الإصلاح التشريعى بوزارة العدالة الانتقالية والمجلس؟-- اللجنة لم تتفهم احتياجات المجلس والالتزامات الدولية الواقعة على عاتقه، ويجب توافرها فى قانون المجلس، لذلك سحبنا مشروع قانون المجلس من اللجنة بسبب عدم موافقتهم على بعض اقتراحات المجلس المتعلقة بزيارات السجون بالإخطار، وتشكيله، ولكن رئيس الوزراء إبراهيم محلب مشكورا سيعيد النظر فيها.

• هناك اتهامات للمجلس بالأخونة بسبب بعض تصريحات أعضائه؟-- من يقول ذلك يريد إسكات المجلس، لوقف نشاطنا، ونحن لن نخاف، وسنؤدى واجبنا دون تردد.

• ولكن هناك توسعا فى اتهام أى معارضين أو منتقدين بالأخونة فما رأيك؟-- شيئان نريد أن نتخلص منهما، التكفير والتخوين، فكلاهما يبعدوننا عن الديمقراطية وحقوق الانسان، ونحن ضد الخيانة والتكفير.

• وما رأيك فى تناقض الداخلية بين تعاملها مع احتجاجات أمناء الشرطة الأخيرة واحتجاجات المعارضة؟-- احتجاجات الشرطة أمر يعالج داخليا.

• وماذا عن تصريح مساعد الوزير بكونها وقفة احتجاجية وليست تظاهرة؟-- من غير مألوف أن تضرب الشرطة أو تفعل مثل هذه الاحتجاجات، وأنا لا أريد التوسع فى الجراح الموجودة.

• هل ترى أن هذه الاحتجاجات تجدد الحديث عن تعديل قانون التظاهر؟-- فى رأيى قانون التظاهر ظلم مصر وظلم أشخاصا كثيرين، ولكن أيضا لا نريد أن يأخذ قانون التظاهر أكثر من حجمه، فى تلك الأجواء التى نعيشها.

• ولكن هناك أعدادا كثيرة محبوسة على خلفيته؟-- نحن نطالب بإلغائه، والمجلس لديه ملاحظات طرحها حول القانون لتعديله والأخذ بها، إلا أننا علينا احترامه لأنه قانون موجود بالفعل، وتغييره يكون بالقانون أيضا وليس بالقوة.

• هل يقوم المجلس بأى وساطة للإفراج عن الشباب المحبوس على خلفية التظاهر؟-- المجلس أرسل قائمة للرئاسة للعفو عن الشباب المحبوس على خلفية التظاهر وبالفعل خرج مجموعات من الشباب، وليست المرة الأولى للمجلس الذى يتوسط للإفراج عنهم، ونتمنى أن يخرجوا جميعهم.

• لفت النظر فى احتفالية لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن بعض المنظمات تستقوى بالخارج، هل قصدت فى التمويل أم الضغط على الدولة؟-- قصدت فى كلمتى الاستقواء دوليا فى الضغط على الدولة، وإذا أرادت المنظمات الاستقواء فعليها الاستقواء بالأحزاب، والنقابات، والرأى العام، والإذاعة والتلفزيون، ونحن لسنا فى مشاجرة لكى اذهب للشكوى فى تركيا أو قطر، من أجل التشنيع على الدولة، فحركة حقوق الإنسان حركة وطنية ولا يجوز أن تخرج عن الإطار الوطنى، وذلك لا يتعارض مع رسالتنا الدولية أو الاقليمية.

• هناك اتهامات للمنظمات بالحصول على تمويل لتنفيذ أجندة خاصة فى الوقت الذى لا يوجد بديل للتمويل؟-- أزمة التمويل تحتاج نظرة عميقة من المجتمع والدولة، ولابد أن تشجع الدولة التمويل الداخلى ولا تضع قيودا عليه، ومن الممكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التى تخصم التبرعات من الوعاء الضريبى، لأن المنظمات تقدم خدمة للمجتمع توازى الخدمات التى تقدمها الدولة بالضرائب، وفى تلك الحالة يمكن محاسبة المنظمات من خلال الجهاز المركزى للمحاسبات للتأكد من أوجه الصرف، باعتباره جهازا مستقلا، والمنظمات المحترمة ليس لديها مانع من ذلك، فضلا عن جعل التمويل الخارجى بنسبة معينة لا تزيد على ٣٠% حتى تحتفظ المنظمة بحسها الوطنى.

• لكن الداخلية تفرض قيودا على التمويل المحلى فما الحل؟-- لا يوجد منظمة تستطيع العمل والاستمرار والعيش دون تمويل، فلا فائدة من منع التمويل الأجنبى، أو التمويل والتبرعات من رجال الأعمال، ولكن يكون التمويل مشروطا، وبعلم الدولة، وألا تكون مفتوحة لكل الجهات، فمثلا لا يجوز التمويل من إسرائيل، وعلى الدولة قبل وضعها للقيود أن تفكر فى الحل.

• هل هناك توجه من الدولة للتضيق على منظمات المجتمع المدنى؟-- هناك اتفاق من قبل الدولة والمنظمات على وجوب تغيير قانون ٨٤ الخاص بالجمعيات، فإذا كنا نريد مجتمعا ديمقراطيا لا بد من وجود مجتمع مدنى قوى يستطيع العيش والاستمرار، والقانون الحالى يضع شروط وقيود كثيرة على المنظمات.

• ولكن بعض مواقف الدولة الأخيرة أعطت انطباعا باستهداف الحقوقيين فما رأيك؟-- أى شكوى تأتينا من المنظمات نقف معها، وجزء أساسى من عملنا أن نحمى الجمعيات من أى تدخل من قبل الدولة.

• تحدثت عن شعار الثورة، هل الحقوق الاقتصادية الاجتماعية للمصريين حالها افضل خلال السنتين الماضيين؟-- التقدم فى الحقوق الاقتصادية من أصعب المجالات، لأنه يحتاج للاستكفاء أولا، وزيادة الإنتاج أكثر من الاستهلاك، والتصدير أكثر من الاستيراد، والتنمية لم تعد نموا اقتصاديا فقط، وانما وضع خطة لكيفية القضاء على الفقر.فى بداية الألفية، الأمم المتحدة ورؤساء الدول اجتمعوا على تخفيض الفقر المدقع، وعدد الجوعى إلى النصف، ومعظم بلاد العالم قللت الفقر إلا المنطقة العربية الفقر فيها ازداد، وابتداء من ٢٠١٥ لـ٢٠٣٠ وهناك خطة للقضاء على الفقر، وذلك لا يأتى بالدعم وحده، ولكن بتغيير فى السياسيات مثل تحسين مستوى التعليم والصحة دونهما لا يمكن الارتقاء، وأن لكل مولود ذراعين للعمل وعقل يمتلئ بالعلم، وليس فم يريد أن يأكل فقط.

• ما رأيك فى صدور القوانين فى ظل غياب البرلمان؟-- البرلمان لن يستطع مراجعة جميع القوانين التى صدرت أخيرا، فوفقا للدستور يتم مراجعة القوانين خلال ١٥ يوما فقط، ولكن بعد ذلك من الممكن دراستها وتعديلها على مهل، وهناك وجهة نظر أخرى تؤيد استعجال عملية التطوير من خلال صدور قوانين مثل قانون الخدمة المدنية، مبررين ذلك بأنه سيستغرق وقتا طويلا فى حالة مناقشته بعد البرلمان، وسيعطل مصر فى تقييمها بالأمم المتحدة.

• وماذا عن اللجنة التى أنشأها المجلس بالتوازى مع لجنة وزارة العدالة الانتقالية لمتابعة توصيات «UPR» أو المراجعة الدورية لحقوق الإنسان؟-- مازال أمامنا ٤ سنوات، ودورنا محاولة زرع حقوق الإنسان فى كل قطاع ووزارة من الوزارات، وفى خطط التنمية التى تتبناها، ونحن حلقة الوصل بين المجتمع والدولة، خاصة فى غياب البرلمان لنا دور مهم، من خلال مناقشة القوانين جماهيريا عن طريق منظمات المجتمع المدنى.وفعلنا ذلك عن طريق ورش عمل أثناء إعداد قانون الخدمة المدنية أو قانون العمل حتى لا يغيب عنها مفهوم حقوق الإنسان، للخروج بنتائج نضعها أمام الجهات المسئولة، لندفع برؤية حقيقة للتنمية، وتمكين المواطن من الحصول على حقوقه السياسية والمدنية بجانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

• أخيرا ما تقيمك لحالة حقوق الانسان خلال هذا العام؟-- هناك أشياء تقدمنا فيها وأشياء أخرى تراجعت، فمثلا الإقبال على حقوق الإنسان تراجع وهذه ظاهرة ليست بجيدة، لأننا نعتمد على الطلب بحقوق الانسان، ورفع مستوى حقوق الإنسان.

• وعلى مستوى الدولة؟-- نعانى من البيروقراطية كثيرا فى تغيير الأوضاع، وبرغم أننا بعد ثورة قامت من أجل الحريات هناك أشياء مطلوب تغييرها ولكننا نجد صعوبة فى ذلك، ولكن هناك إرادة فى القيادة العليا الموجودة حاليا للتغيير.